مكتبة الكلمة

 

 اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والأدب السريانية      

 

: تاليف  

  مار اغناطيوس أفرام الاول برصوم     

: رفع بواسطة   

   يوحنا اسكندر    

 

 

    /        

ربط   تحميل هذه الصفحة  مشاركة الرابط 

 

 

 

 

مقدمة و ملخص

  الحمد لله الذي زين عقل الإنسان بتاج العلم، وحلّى لسانه بسحر البيان وبعد فلما انجلى صبح هذا العصر بمؤلفات مُمتعة تضمنت تواريخ العلوم والآداب بلغات شتى، وجال فرسان البلاغة في مضمار المعارف جولات موفقة، وكل يتشوف إلى هلاله ويرقب غايته، ففريق أدركوا الأهداف المقصودة وفريق يتوخون ضالتهم المنشودة، فتنبهوا الهمم من رقادة طال أمدها، أهابوا برواكد الفِطن من غفلة تطاول عهدها، فإذا كرائم النفوس يحدوها الشوق إلى مناهل العلم الصافية، والعقول النيرة يسمونه همّ إلى مواطن الأدب الحافلة. ورأينا العلوم والآداب السريانية تقترح علينا بلسان حالها قضاء حقها وإبراز تاريخها إلى عالم الشرق باللغة العربية وجلاء محاسنها لكل ذي لبّ وبصيرة، بعد أن نحت لها بعض علم الفرنجة تمثالاً لم يحصل لا كاملاً ولا سوياً، عمدنا إلى تصنيف هذا الكتاب المُفضل وهو يشتمل على تاريخ آلف وثمانمائة سنة، بعد أبحاث عديدة ودراسة مديدة أنافت على ثلاثين حجة، طلبناها من أقرب مظانها وأبعدها والتمسناها في أغنى مناجمها ومواطنها، ومعظمها مخطوط شتيت في مشارق الدنيا ومغاربها، مواد طَرَحَهَا الدهر مطارح قاسية ومصادر شرّدها لزمن تحت كل كوكب، ومأخذ بعثرتها صروف الليالي تحت كل حجر ومدر، لم يجمعها في سالف الأيام كاتب ولا اكترث لها مُصنف وإنما نوّها منها بطريف زهيد، وقع في سطور معدودة في مواطن شتى من كتب التاريخ عفواً أوقصداً، ما خلا ثلاثين ترجمة لمشاهير الأئمة وأعلام النساك، فلا تجد للسريانيين على علّوكعبهم في ميدان التصنيف كتاباً يحيط بتاريخ علمائهم لا إجمالاً ولا تفصيلاً كما تجد عند العرب مثلاً ولو لم يبلغوا فيه غاية. فأقمنا طوال هذه المدة من العمر ننتهز الفرص السوانح وأوقات الفراغ من أعمالنا الرعوية والبطريركية حتى وفقنا الله جلّ شأنه إلى ادارك هدفنا ولم نبالي بعناء شديدي كأبدانه ودأب يأكل بياض اليوم وسواد الليل ومال الجليل تطوعنا بإنفاقه في هذا السبيل بل كان هذا كله عذباً لدينا شهياً عندنا، ذلك إننا نقضي حقاً لسلفِ صالح طوقٌ جيد أمتنا بأنفس القلائد وعقد على هامة لغتنا أفخر التيجان وأذاع لنا في الخافقين اسماً مخلداً وبناء لنا مجداً مؤثلاً. واغنى عقولنا بعلم صحيح أطلق ألسنتا فتدفقت علينا سيول بلاغة وأجرى أقلامنا ببيان ناصع، ونمد لعلماء الأدب والتاريخ وطلابهما من شرقيين وغربيين مائدة نرجو أن يجدوا فيها ما تشتهي نفوسهم وترتاح إليه عقولهم، وفوق ذلك نسّد فراغاً في تاريخ إحدى لغاتنا السامية التي رفل منها الشرق المسيحي بحلة ناعمة قشيبة عصوراً مديدة، فاسدت إليه يداً يشكرها العلماء المنصفون ذوو الأعراق الكريمة والأذواق السليمة ويقرّون أن أخواتها لم تسامِ فروعاً من أياديها ولا طاولت عذوبة مجانيها. وقد ضربنا في سبيل هدفنا أطراف البلاد، أعني الموصل وقراها ودير مار متى وجزيرة ابن عمر وطور عبدين وفيه خمس وأربعون موطناً حافلة بالكنوز السريانية سيما باسبرينة وماردين وقراها ودير الزعفران وديار بكر وقراها وويران شهر، والّرها وحلب وحماة وحمص وقراها ودمشق وبيروت ودير مار مرقس وديري الأرمن والروم في أورشليم مصر والقسطنطينية وليندرا وأكسفورد وكامبردج وبيرمنغهام وباريس وفلورنسا ورومية وبرلين ونيويورك وبوسطن. وتصفحنا عدة كتب خطية في حوزة بيوت الخاصة، واشتغلنا ردحاً من الزمن بتأليف فهارس ضافية لأشهر خزائن كتبنا السريانية. أما دير ما قرياقس والبشيرية وكنائس خربوت وحصن منصور وسويرك وسعرت وشروان وغرزان وطور سينا وخزانة البطريركية القبطية بالقاهرة، فقد أسعفنا بالوصول إلى غرضنا منها أكليريكيون ذوو همه فأجملنا الثناء عليهم. ونظرنا في فهارس خزائن الكتب الغربية والشرقية المطبوعة، وطالعنا من مصنفات علمائنا السريان الغربين ما عدا الأسفار الإلهية نيفاً ومئتي مجلد ومصحف في شتى العلوم ومختلف الفنون، فلم نصف أوننقد كتاباً لم نمعن في درسه إلا نادراً، فلم يبق موطن معروف للآداب السريانية عزّ علينا طلابه. وطالعنا المكتبة الشرقية للسمعاني، وتواريخ الأدب السرياني تأليف السادة وليم رايت وروبنس دوفال وأنطون بومشترك والقس يوحنا شابو (1894-1934) بالإنكليزية والفرنسية والألمانية وهي بين مختصر ووسط أحسنها كتاب دوفال وأدقها وأوسعها مراجع مصنف بومشترك ولكن مدارها، إيقاف جماعة المستشرقين على مصادر والأدب السرياني وهو في عُرفهم العلوم والأدب على الإطلاق، أما وصف نتاج العقل السرياني ونقده فلم يبلغوا فيه الغاية. وكلهم بحث الادب على مذهبي المغاربة والمشارقة ولم يتعدّ القرن الثالث عشر حاشا بومشترك فانه ذكر رهطاً من المتأخرين بما لا يغني فتيلاً، وبضع مخطوطات للملكية والموارنة. وقصرنا كتاباً على بحث علمائنا السريان الغربيين وحسب، دون المشارقة (النساطرة) والنتاج الأدبي الضئيل عند الملكية والموارنة. وإنك واجد فيه من المواضيع والأبحاث ما أغفله المؤرخون المذكورون آنفاً، كالخط والشعر والفروض الدينية (الطقوس البيعية) على تشعب أبوابها وأنواعها، وتاريخ الأدب في الأزمنة المتأخرة من سنة 1290 إلى وقتنا هذا وفوائد جغرافية للبلاد المذكورة فيه وشذوراً تاريخية دقيقة لأثنين وسبعين ديراً وجداول لمواطن الثقافة وخزائن الكتب السريانية القُدمى وسلاسل للأطباء ومؤلفي الليتورجيات والحسّايات (أدعية الاستغفار) والخطاطين وطائفة من المصنفات والمخطوطات المجهولة إلى غير ذلك من الفوائد التاريخية. وإصلاح أخطاء تناقلها الكتاب المعاصرون بدون رؤية، وكل ذلك بنقد نزيه دقيق جهد الإمكان. وتقرأ فيه فصلاً تضمن خلاصة أعمال جماعة المستشرقين الفضلاء الذين خدموا الأدب، ونقد طائفة من المأخذ التي أخذناها على رهط منهم ساقهم إليها غلو معيب ودعاية مغرضة مما ينافي روح العلم بل يسمّمه ويضعف قيمة أنتاجه. ووسمنا كتابنا (باللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والأدب السريانية) والله سبحانه نسأل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، مقصوراً على خدمة العلم ونفع طالبيه وكفى بالله هادياً ومعيناً. في القلاية البطريركية بحمص سوريا في 14 شباط سنة 1943 مسيحية وهي السنة الحادية عشرة لبطريركتنا وسنة يوبيلنا الأسقفي الفضي

 

 

معلومات عن المؤلف

اسم المؤلف: مار اغناطيوس أفرام الاول برصوم

صفة المؤلف : بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الارثوذكس

سنة التاليف : 1943

 

 

معلومات عن الناشر

اسم دار النشر : مطبعة السلامة - حمص سوريا

سنة الطباعة : 1943